اعمال الملك عبدالله الثاني

متجاوب 2023

مہجہرد إنہسہآن

طاقم الادارة
إنضم
27 أغسطس 2009
المشاركات
40,741
مستوى التفاعل
1,565
النقاط
113
الإقامة
الطفيلة الهاشمية
الجيش العربي الأقرب إلى نبض قائده الأعلى الذي خبر ميادينه وامتطى صهوات دباباته ، يحمل بكل أمانة واخلاص مسؤولياته تجاه وطنه وقائده وأمته وينسج من تاريخه العابق بالمجد والبطولة معاني الولاء والانتماء ليبقى دم شهدائه الأحرار قناديل هدى ومنارات عز تنير لنا طريق الامل والمستقبل المشرق بعون الله

هذا الجيش الذي يشكل ركناً اساسياً من اركان الدولة الأردنية وكان له منذ بداياته الأولى مساهمة كبيرة في تطور الدولة وتحديثها وكان ينمو ويتطور مع نمو الدولة بفضل الرعاية الهاشمية المتواصلة وهو اليوم يحظى بكامل الرعاية والاهتمام الشخصي من لدن قائده الأعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ليواكب العصر تسليحاً وتدريباً وتأهيلاً بما يخدم خططه وبرامجه وتطلعاته المستقبلية لان يكون جيشاً محترفاً عصرياً الكترونياً ومتطوراً قادراً على التعامل والتفاعل مع مختلف الظروف والتحديات والمتغيرات المتسارعة في العالم .
وقد شهد الجيش العربي في عهد جلالة القائد الأعلى نقلة نوعية شجاعة متطورة في مجال تسليحه فأدخل العديد من الاسلحة والمهمات والتقنيات الحديثة المتطورة التي تخدم اهدافه وبرامجه المستقبلية وتحقق الأمل والطموحات التي نرنو إليها جميعاً.
وفي مجال تأهيل القوى البشرية وتدريبها فقد تم بحمد الله وبتوجيهات جلالة القائد الأعلى ايلاء هذا الجانب جل الرعاية والاهتمام في مختلف الوحدات والتشكيلات ومدارس ومعاهد القوات المسلحة التي تؤمن ايماناً مطلقاً بأن العنصر البشري المدرب والمؤهل هو الأساس الذي يخدم المسيرة ويطوع التكنولوجيا ويستوعبها ويرتقي بالأداء الإداري والفني واللوجستي إلى مستوى الاحتراف والتميز ..وفي هذا المجال فقد اخذت القوات المسلحة وبفضل توجيهات جلالة قائدها الأعلى دوراً فاعلاً في خدمة مسيرة التنمية الوطنية الشاملة وتأهيل الشباب الأردني واستيعاب الاعداد الكبيرة منهم بين صفوفها أو في مدارسها ومعاهدها وميادينها والاسهام في تأهيلهم ليكونوا فاعلين مع اخوانهم في رفد مسيرة البناء والتنمية في أردن الخير والعز والمنعة
واستطاعت أن تدخل مجالات التصنيع العسكري الدفاعية
وإقامة قاعدة صناعية متقدمة والاسهام في مشاريع استثمارية استراتيجية على مستوى الوطن اسهاماً في تحقيق متطلبات الأمن الوطني الشامل .

وفي عهد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله وأعز ملكه استطاعت القوات المسلحة أن تحقق حضوراً متميزاً ومؤثراً في مجال حفظ الأمن والسلام وتقديم يد العون والمساعدة في بقاع شتى من العالم اسهاماً منها في اداء رسالة المحبة والأمن والسلام وهي تحظى باحترام دولي بين دول وجيوش العالم من خلال فتح آفاق التعاون وتبادل المعارف والخبرات في مختلف حقول المعرفة علمياً وميدانياً وعسكرياً .
لقد حظيت القوات المسلحة باهتمام شخصي من قبل جلالة القائد الأعلى فأوعز جلالته وبتوجيهات ملكية سامية إلى إجراء مراجعة استراتيجية شاملة لأوضاع القوات المسلحة، وصدعت القيادة العامة للقوات المسلحة لتوجيهات جلالته فشكلت اللجان الخاصة لذلك ونوقشت كافة القضايا المتعلقة بتطوير وتحديث القوات المسلحة باستفاضة متناهية وبمتابعة من رئيس هيئة الأركان المشتركة، وتم وضع آلية دقيقة لتنفيذ مخرجات المراجعة الإستراتيجية، وهذه المخرجات الآن هي قيد التنفيذ وتحظى بمتابعة موصولة من جلالته وبرقابة من اللجان المختصة لنتائج هذه المخرجات لما فيه نمو وتطور وتحديث القوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي.

كما تستحوذ الأحوال الاجتماعية والإنسانية لمنسوبي الجيش العربي على جانب كبير من اهتمام جلالته وبخاصة العاملين والمتقاعدين وأسر الشهداء وجرحى الحروب والمصابين العسكريين ، حيث يسعى جلالته على الدوام ويسأل دائماً ويتفقد بنفسه احوالهم وظروف معيشتهم وقدم المكارم تلو الاخرى في سبيل توفير افضل سبل العيش الكريم لهم حتى غدت مكارمه قلائد عز تطوق اعناقنا جميعاً. لقد شهدت القوات المسلحة في عهد جلالة القائد الأعلى مزيداً من الرعاية والاهتمام بكل متطلباتها واحتياجاتها العملياتية والإدارية واللوجستية
فأدخلت منظومات جديدة وحديثة من مختلف أنواع الأسلحة الفردية وسلاح الجو والقوة البحرية الملكية ومختلف أنواع أسلحة القوات البرية والتقنيات المتطورة وأساليب استخدام هذه الأنظمة الحديثة. ومن جانب آخر فقد دخلت القوات المسلحة وبفضل توجيهات جلالة القائد الأعلى مجال التصنيع العسكري الدفاعي من خلال مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير (kaddb) الذي تتبع له أكثر من 28 شركة صناعية متطورة وأسس لشراكات صناعية مع عدد من الدول المتقدمة صناعياً وأصبح قادراً على تزويد عدد من وحدات وتشكيلات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بأغلب احتياجاتها من المعدات
وتمكن من عقد مزيد من اتفاقيات التصدير لصناعاته المتطورة لعدد من جيوش المنطقة والعالم. وخلال الأعوام القليلة الماضية تمكنت القوات المسلحة من دخول سوق الاستثمار والإنتاج لكثير من احتياجاتها وأسهمت بشكل كبير في دفع مسيرة التنمية الوطنية الشاملة
وأسست عدداً من الشركات في مجال الإنشاءات والإسكان والزراعة والنقل وأقامت العديد من المشاريع الاستثمارية والتنموية من خلال إقامة السدود المائية وتدريب وتأهيل متدربي التدريب المهني والشركة الوطنية للتشغيل والتدريب التي جاءت بتوجيهات مباشرة من جلالة القائد الأعلى لمكافحة الفقر والبطالة وتوفير فرص العمل للشباب الأردنيين العاطلين عن العمل.
كما تضيف انجازات القوات المسلحة في مجال تقديم الخدمات الطبية مساهمة فاعلة ومتطورة في مجال تقديم الرعاية الطبية وتميزها في مجالات الطب عامة من خلال المستشفيات والمراكز التابعة لها، كما تسهم القوات المسلحة بشكل ملموس في بناء وتنمية الروح الوطنية والشخصية الوطنية من خلال تدريب مادة العلوم العسكرية والتربية الوطنية في المعاهد والجامعات الأردنية والمشاركة في جميع المناسبات الوطنية وتعزيز روح الولاء والانتماء لدى الأجيال التي تشكل مستقبل وأمل الوطن كما أنها تدير أكثر من 26 مدرسة تعليمية في المناطق النائية من المملكة واستطاعت أن تحقق حضوراً ملفتاً في مختلف المؤتمرات الإقليمية والدولية علمياً وطبياً وإدارياً وفنياّ.


في السابع من فبراير الحالي الذكرى العاشرة لتتويج الملك عبد الله الثاني ملكا للملكة الأردنية الهاشمية بعد رحيل والده الملك حسين الذي استمرت ولايته من مايو 1953 حتى وفاته في السابع من فبراير 1999 ، وإعلان نجله الأمير عبد الله ( عمره سبعة وثلاثون عاما آنذاك ) ملكا على المملكة الأردنية الهاشمية ،حاملا اسم ( عبد الله الثاني ) ليكون بذلك الملك الهاشمي الرابع في المملكة التي أعلن استقلالها في مايو من عام 1946 وتولي الملك عبد الله المؤسس العرش الهاشمي كأول ملك للمملكة. عشر سنوات من ولاية الملك عبد الله الثاني ، هل تميزت بملامح معينة؟ هل أسست لخطوات نوعية في مسيرة المملكة؟. هذا ما تحاول هذه المقالة الإجابة عليها بقدر عال من الموضوعية والمعلوماتية بعيدا عن الإنشاء والخطابة ، والنظرة السلبية للمملكة تلك النظرة التي هي من مخلفات مدرسة أحمد سعيد ، ويحاول محمد حسنين هيكل إحياءها والحفاظ على أكاذيبها وتلفيقاتها في العديد من الملفات ومنها الملف الأردني خاصة في لقاءاته التلفزيونية، مستغلا قربه من جمال عبد الناصر آنذاك واطلاعه أو احتفاظه بالأرشيف الناصري التي شهدت مرحلته خلافات واقتتالات عربية لم تشهدها أية مرحلة، وغالبا ما يسند هيكل معلوماته لوثائق يدعي وجودها عنده ولم يطلع عليها أحد غيره أو يسند معلوماته لأموات لا يمكن استنطاقهم . أهم ملامح هذه السنوات العشر:
أولا: تجذير المسيرة الديمقراطية
كانت بداية المسيرة الديمقراطية قد أعلن انطلاقتها الملك حسين عام 1989 حيث كانت التعددية السياسية والحزبية أهم مظاهرها عام 1992 ، رغم سوء الفهم الشعبي لتطبيقات الديمقراطية التي نتج عنه قيام أو إعلان قيام حوالي سبعة وثلاثين حزبا وسط مجتمع لا يزيد تعداده عن خمسة ملايين آنذاك ، ومقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا حيث لا يوجد أكثر من ثلاثة أحزاب في كل دولة، تبدو عشوائية أو فردية التفكير في المجتمعات العربية، وكان مؤكدا في الشارع الأردني أن غالبية هذه الأحزاب لا يزيد عدد أعضاء كل حزب عن عشرات وليس مئات . تمت المحافظة في عهد الملك عبد الله الثاني على هذه التعددية الحزبية المرافقة بطبيعة الحال لحرية التعبير، وعند وضع بعض الضوابط العام الماضي لما يمكن تسميته الفلتان الحزبي ، أهمها أن يكون عدد أعضاء ومؤسسي أي حزب لا يقل عن خمسمائة شخص من خمسة محافظات أردنية ، لم تستطع أغلب تلك الواجهات الحزبية تأمين هذا الشرط البسيط ، فتقلصت الأحزاب المرخصة إلى قرابة خمسة عشر حزبا، ورغم ذلك يبقى العدد مبالغا فيه قياسا لتعداد سكان الأردن ، و الأطروحات السياسية والمتغيرات الاجتماعية السائدة في ثقافة المجتمع الأردني . وهذا يذكر بحديث سابق للملك عبد الله الثاني ، قال فيه : ” إن تشرذم الأحزاب وتعددها ليس في صالح هذه العملية بل إنه أحد المعيقات الأساسية لها، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه لدينا من ثلاثة إلى أربعة أحزاب قوية تمثل التيارات الفكرية الرئيسية في البلد “. ورغم هذه الرؤيا الملكية لم تحاول الحكومة الضغط على هذه الأحزاب للدمج أو الإلغاء بدليل وجود ما لا يقل عن خمسة عشر حزبا في الأردن اليوم، تمكنت من تسوية أوضاعها حسب الشروط الجديدة ، وقامت وزارة الداخلية العام الماضي بدعم هذه الأحزاب من خلال صرف ميزانية سنوية لكل حزب مقدارها خمسون ألف دينار أردني ، وهو مبلغ بالنسبة لمستوى المعيشة في الأردن يستطيع تأمين الإيجارات السنوية لأكثر من مقر لكل حزب ، وهي خطوة تدل على دعم الحكومة لاستمرارية التعددية الحزبية.
ثانيا: حرية التعبير الصحفي والحزبي
يتأكد المراقب للصحافة الأردنية الورقية والإليكترونية أن ما تم تأكيده في السنوات العشر الماضية في ميدان حرية التعبير الصحفي والحزبي من النادر وجوده في العديد من الأقطار العربية، وبصراحة موضوعية شديدة أن التصريحات والمواقف السياسية تحديدا لحزب جبهة العمل الإسلامي ( الإخوان المسلمون ) سواء في الصحافة أو داخل مجلس النواب دليل واضح ملموس على حرية التعبير خاصة إذا تذكرنا حملات الاعتقال والسجن التي يتعرض لها الإخوان المسلمون في أكثر من قطر عربي، وفي بعض الأقطار العربية ينصّ القانون صراحة على عقوبة الإعدام لكل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وهذه الميزة ليست مكرمة أو جميلا من الحكومة للصحافة والأحزاب ، بل هذا ما يجب توفره نظريا وتطبيقيا لأن الحرية والديمقراطية هي مقياس تقدم الشعوب ، بدليل وصول باراك أوباما الأسود لرئاسة البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تدخل الملك عبد الله الثاني أكثر من مرة لوقف ملاحقة صحفيين وكتاب ، واتصل شخصيا بأكثر من صحفي مستنكرا بعض التجاوزات التي تعرضوا لها ، وأكدّ مرارا على حرية الصحافة ومنع وقف أو سجن أي صحفي بسبب آرائه السياسية. إنّ العديد من كتابات الكتاب والصحفيين الأردنيين النقدية لممارسة بعض وزراء الحكومة ، يمثل جرأة متناهية وصراحة غير معهودة، ما كانت ستتوفر لولا طمأنينة الكتاب لسقف الحريات المسموح به في المملكة.
ثالثا: الدعم الكامل للقضية الفلسطينية
لقد تميز عهد الملك عبد الله الثاني بدعم واضح ومعلن للقضية الفلسطينية حسب المطالب الوطنية الفلسطينية بقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة ضمن حدود عام 1967 كما أعلنها المجلس الوطني الفلسطيني في زمن الرئيس ياسر عرفات في الجزائر عام 1988 ، وتطالب بذلك وتدعمه غالبية الفصائل والتنظيمات الفلسطينية. الدعم الأردني الصريح في هذا الميدان له أهمية خاصة لحدودية الأردن مع الضفة الغربية الفلسطينية، وتكرار سيناريو الوطن البديل من أطراف يهودية يمينية. وضمن نفس السياق كانت إدانة الملك عبد الله الثاني الصريحة الواضحة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدا في العديد من المحافل العربية والأجنبية أن خيار الدولتين هو الحل، وتأكيده على أن الإسراع في الوصول لهذا الهدف يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. وقد كانت المظاهرات والتجمعات الشعبية الأردنية هي الأكثر دعما للقطاع، وقد بلغت ما يزيد على ستمائة مظاهرة وحشدا وتجمعا ، وكلها بإذن وموافقة السلطات الرسمية مما حدا بأحد الأحزاب الإسلامية أن يعلن عن فخره بتوحد الإرادتين الرسمية والشعبية الأردنية في مواجهة العدوان. وكذلك كانت المساعدات التموينية والطبية الأردنية بما فيها فرق الأطباء والممرضين ومستشفى ميداني هي الأكثر والأسرع في الوصول للقطاع بكثافة أكبر من إمكانيات الأردن الإقتصادية، وما زالت هذه الطواقم تعمل في القطاع رغم توقف العدوان الإسرائيلي.
وضمن حدودية الأردن لأكبر بؤرتين عربيتين ملتهبتين العراق في الشرق وفلسطين في الغرب، تبدو حكمة عهد الملك عبد الله الثاني في محاولات مستميتة لتحقيق علاقات عربية متوازنة مع كافة الدول العربية، مما حقق علاقات طبيعية مع الجارة سوريا ودولة قطر بعد خلافات على أمور ليست استراتيجية ، خاصة أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ألغى عمليا مقولة ” دول اعتدال” و ” دول ممانعة ” ، فلم يتميز أي موقف عربي عن آخر، فليس هناك دولة عربية تحاصر جيوشها تل أبيب ، ودول أخرى تطالبها بالتوقف عن ذلك ، فجميع الدول العربية أدانت العدوان ، وتميزت الأردن بالدعم المادي الذي أشرت إليه.
هذه الملامح الأساسية لعشر سنوات من ولاية الملك عبد الله الثاني في المملكة الأردنية، ليست دعاية أو تملقا ، بل تثمين لإنجازات مستعدون للكتابة عنها وتثمينها في أية دولة عربية، فهذا الطريق الديمقراطي والوضوح السياسي يجعل الأردن محدود الإمكانيات اقتصاديا غني بشعبه وسلمه وأمنه الاجتماعي الوطني . وفي النهاية من المهم التأكيد أن سقف الحريات الديمقراطية هو فقط من يخلق شعبا متمسكا بوطنه ومستعد للدفاع عنه، فلا يدافع عن الأوطان إلا أحرارها.

يكمل الملك عبد الله الثاني سنته العاشرة على رأس سلطاته الدستورية, مكرسا نهجا قياديا جديدا يركّز على الشأن الداخلي وتقوية مؤسسات الأردن المعاصر, التي أرسى أساساتها والده الراحل الملك حسين. يأتي ذلك بعد أن حصّن الملك الشاب المملكة ونظامها من شرور الإقليم المتطايرة بإتقانه لعبة التوازنات السياسية.

الملك وجد نفسه بين ليلة وضحاها مسؤولا عن إدارة شؤون أسرة قوامها أكثر من ستة ملايين نسمة متعددة الأصول والمنابت. ساعدته شخصيته الديناميكية وانضباطه العسكري في اجتراع رؤية جديدة للتعامل مع تحديات المملكة الاقتصادية والاجتماعية, بما فيها رعاية قطاع الشباب والمرأة وحقوق الطفل - الأوسع قاعدة لكن الأكثر تهميشا في المجتمع.

تغير الأسلوب وليس المضمون
اتكأ الملك في مسعاه إلى مظلة العلاقات الدولية القديمة/الجديدة وأساسها تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة, ومعاهدة سلام نافذة مع إسرائيل منذ عام 1994 ودعم لا متناه من دول الاتحاد الأوروبي و"الاعتدال العربي" بقيادة السعودية.

منذ اعتلى العرش, أطلق عشرات المبادرات الملكية التي تخاطب هموم المواطنين بسرعة بدلا من الانتظار لاستجابة ماكينة البيروقراطية المتجذرة في مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية. وهكذا سبق في غالبية مبادراته رؤساء الحكومات الستة التي خدمت منذ بداية الملكية الرابعة. تلك المبادرات ساهمت في تحسين المستوى المعيشي والخدمي للسكان وتوفير فرص عمل واستقطاب استثمارات تضمن استدامة النمو.

لغة الأرقام تتحدث منذ خمس سنوات - قبل أن يتأثر العالم برمته بزلزال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية نهاية 2008 - عن قصة نجاح اقتصادي أردني لدولة شحيحة الموارد الطبيعية وبلا مقومات اقتصادية أو قوة عسكرية, لكنها غنية بمخزون بشري, ومحسودة على أمنها واستقرارها واعتدالها, وعلى كل ما حققته من انجازات مقارنة مع الموارد المتاحة.

لكن تحويل الحلم الملكي إلى حقيقة وتكريس نهج جديد يتماشى مع ثوابت الدولة لم يأت بدون ثمن سياسي بسبب الاختلاف حول أسلوب تنفيذ التغيير بين رجال "العهد القديم والعهد الجديد" وصراعهم المستمر على كعكة المكاسب والنفوذ.

لا تزال النخب السياسية كحال رجل الشارع تتخبط حيال نتائج التغيير المتحقق. فالكل يقيس الأمور من زاويته, مع نتائج التغيير في حقل التربية والتعليم, مثلا, لن تظهر قبل أن يتخرج أول جيل, دخل الصف الأول الابتدائي عام ,2001 وبدأ يتعلم اللغة الانجليزية ومهارات الحاسوب.

على أن الشكوك تتنامى في زمن تتأرجح فيه الجبهة الداخلية بين القوى العشائرية والإسلام السياسي والليبرالية الجديدة وبقايا القوى اليسارية والقومية. وبالتالي يختلط الشد مع ضياع مفهوم التحديث الشامل بين ازدواجية القول والفعل.

كذلك يغيب التوافق المجتمعي على شكل وهوية الأردن الجديد وسط تنامي فجوة الثقة بين الحكومة والشارع, وتناسل مظاهر الفساد والإفساد, واختلاط البزنس والمال بعالم السياسة والسلطة. بموازاة ذلك, تراجع الدور الدستوري للبرلمان والحكومة في اللعبة السياسية لصالح مراكز نفوذ أخرى تمددت وتقلصت تباعا بعد أن وجدت لاختراق البيروقراطية., وغابت أيضا الشفافية والمساءلة وسط ترهل بيروقراطي وإداري كارثي. في الأثناء عجز المجتمع المدني والأحزاب الوطنية عن تشخيص الهم الوطني وملء الفراغ.

يبدو للساسة والمراقبين بأن الملك عبد الله حسم بوصلة نهجه صوب طريق اقتصادية-سياسية ثالثة لمواجهة الأزمات الخانقة وردم هوة الصراع بين المدرستين المتناحرتين, وهما في كر وفر منذ عقد. اليوم يحاول نهج التطوير الملكي اشتقاق اقتصاديات جديدة توازن بين مدرسة تؤمن بالإغراق في الخصخصة واللبرلة ضمن وصفات عالمية لا تقيم وزنا للوقائع الاجتماعية والخصوصية الداخلية ومدرسة أخرى تؤمن بتكريس دور دولة العطايا والقطاع العام للمحافظة على التوازنات الحساسة داخل الدولة والمجتمع.

المراجعة اقتضت أن يعود الأردن إلى الوسط والعمل من داخل المؤسسات لإحداث تغيير تدريجي راسخ بدلا من تجاوزها وخرق مرجعية الدستور.

تحلت المراجعة الملكية أخيرا بإخراج رموز المدرستين المتصارعتين من الساحة السياسية مؤخرا. ونجحت حكومة المهندس نادر الذهبي في استعادة الولاية العامة بطريقة تدريجية خلال الشهور الماضية.

لكن منسوب الاتهامية والشخصنة ما يزال مرتفعا في الإعلام كما في البرلمان ليعكس ثقافة كراهية مغلّفة بتحريض جهوي وإقليمي يهدد النسيج الاجتماعي الحساس أصلا.

التوتر الداخلي يأخذ منحى تصاعديا بالتوازي مع حجم تهديد خارجي كامن من الغرب حول تشكيل شرق أوسط جديد تتصارع واشنطن وطهران على بسط نفوذهما بين أطرافه. ويبقى السؤال المليوني: ما هو مستقبل عملية السلام بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستعيد اليمين المتشدد إلى السلطة على وقع انقسام فلسطيني بين مرجعيتي سلطة حماس في "غزة" وسلطة "فتح" في الضفة الغربية ونظام عربي متشرذم. وهل ستقوم ادارة الرئيس الديمقراطي الجديد باراك أوباما بلعب دور الوسيط النزيه والحازم لفرض حلول وسط بدلا من إطالة أمد عملية تفاوض بدأت قبل حوالي عقدين?

اليوم يحتاج الأردن إلى تحصين جبهته الداخلية وتنويع سلة خياراته الدبلوماسية خدمة لمصالحه العليا, بعيدا عن الاصطفافات الداخلية والإقليمية.

فتماسك الجبهة الوطنية لم يعد ترفا فكريا بل أضحى أولوية من خلال فتح قنوات الحوار والمشاركة المرتكزة إلى مرجعية الدستور وصولا إلى توافق مجتمعي حول وجهة الاصلاح ودور الدولة, وأسلوب إدارتها وتحسين مستوى معيشة المواطن. هذه الآليات أضحت ضرورية للوقوف في وجه الخطر المقبل من الجبهة الغربية, لأن الدولة الفلسطينية المستقلة المقبولة للجميع التي كان وعد بها الرئيس السابق جورج بوش قد لا تقوم إذا فشلت الإدارة الأمريكية الجديدة في وقف الاستيطان وبناء "الجدار العازل".

في الآتي من الأيام سيعود الضغط باتجاه "الخيار الأردني" المرفوض من رأس الدولة وسائر هرم السلطة وغالبية القوى الشعبية لأنه ببساطة يعني بداية انتحار سياسي.

لمواجهة الخطر المقبل, لا بد من بدء حوار وطني وانفتاح على قوى المعارضة بما فيها الإسلاميون شريطة التزامها بالدستور والقانون للاتفاق على ثوابت وطنية "حقيقية وليست شكلية" تضبط مكونات المجتمع كافة وتحافظ على الأمن والاستقرار في ظل نظام ملكي شامل. الثوابت الوطنية عمادها الالتزام بالدستور وبالعلاقات الدولية الإستراتيجية للأردن.

هكذا اتفاق على الخطوط الحمراء يمهد لرسم خارطة طريق بما يعزّز مسار التحديث الشامل للدولة بما فيها العودة إلى خيار الديمقراطية الذي خرج عن السكّة منذ عام 1993

يتطلب الجهد الوطني أيضا صياغة ميثاق اجتماعي جديد يحدّد حقوق وواجبات الدولة تجاه مواطنيها في ظل القانون والمواطنة والمساواة في الحقوق المدنية بدلا من استمرار التخندق وراء حساسيات عفى عليها الزمن.

بذلك يكون الأردن الرسمي والمجتمعي قد مأسس للتغيير بعد أن راجع رأس الدولة نجاحات وإخفاقات العقد الأول من عهده وخرج باستنتاجات حيال كيفية العمل مستقبلا لتكريس الإصلاح الشامل المنشود بطريقة تشعر الجميع أنهم يجلسون في مركب واحد معا في وجه الأخطار القادمة.




 
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
5,828
مستوى التفاعل
60
النقاط
0
الإقامة
الطفيلة الهاشمية
jordan man

بارك الله فيك يا غالي على جديدك
 

مهاابوغريب

عضو مميز
إنضم
24 يناير 2011
المشاركات
53
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الله يعطيك العافيه فقد اطلعتنا على بعض اعمال ملكنا الغالي وما فعله داخل وخارج المملكه

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .



 

متجاوب 2023

متجاوب 2023

أعلى