مقامة التراث العربي

لقد تصفِّحت أرشيفَ تاريخنا المشرق، فوجَدتُه يفتقر إلى الأخبار التاريخية الشاهدة على خصوبة حضارتنا العربية الإسلامية، وبما أن جلَّ معالم حضارتنا مضى عليها زمن وأصبحت أرشيفاً في المتاحف والمكتبات مما يحتاج منا إلى الوقوف معاً ؛ فقد احترت من أين أبدأ المسير ، وإلى أي البلاد بكم أطير؟ ولكن فريقنا أحسن التدبير وقرّر أن نسير برحلة إلى الغرب..بلاد الأندلس النضير .
وما أن وصلنا مشارف فلسطين ؛ بادرنا الشافعي ، محمد بن إدريس بالسلام، إذ كان حوله حلقة من علماء القرآن الكرام، ممن امتلكوا ناصية الكلام ، إنّهم ثلة من علمائنا العظام ، فقام أحدهم وسأل الشافعي عن معنى قوله تعالى"ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق " فقال الشيخ: هذه الآية الواحدة والعشرون بعد المائة من سورة الأنعام، وقد اختلفت آراء العلماء في أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ،أحلال هو أم حرام، ثم ردّ الشيخ المعنى إلى (الواو) التي شغلت المفسرين والمعربين والفقهاء، ثم وجّه كلامه إلينا قائلا: أغتنم فرصة وجودكم بيننا ، وأنتظر منكم الإفتاء ، فنظرت إلى زملائي مبتسماً ، لتكليفه بهذا الشرف إيانا ، مع علمه أننا ننظر في كتب التفسير أحيانا، هذا إذا اضطرّنا بحث أعيانا ، فأضحت وجوهنا محمرّة كالجلّنار مما حلّ بنا من زيارة الشيوخ الأبرار الذين لا يشق لهم في علوم القرآن غبار، وكنا نود لو غادرنا في لمحة تلك الديار، فقفلنا إلى المطار، كي نصل القاهرة أول النهار.
ليس في زماننا من يماثل الشافعي أو يدانيه ، أو يمتلك شيئاَ من علمه أو يحاكيه، فقد تلا علينا من كلام الله الذي أشرقت الدنيا بدفء معانيه، وإحكام مبانيه وتبتهج له قلوب سامعيه ،،

ونظرا لضيق الوقت المتاح لنا، وما لحق بنا جرّاء السفر من عنا، سارعنا إلى الانطلاق إلى أندلسنا، التي هي هدفنا، حيث صحبنا في رحلتنا العالم البصري ابن الهيثم الذي أعجب بزيارتنا وابتهج لمجيئنا، وصحبنا في سفرتنا،،


وصلنا قرطبة ظهراً، وكنا نود لو مكثنا فيها شهرا، حيث أدّينا صلاة الظهر في مسجدها الجامع، الذي بني في عهد صاحب الصيت اللامع، عبد الرحمن الداخل، الذي جعل من المسجد تحفةً للأنظار، بما أودع فيه من فنون وأسرار، فالآيات القرآنية على جدرانه شعار، والمياه تتدفق على جوانبه باستمرار، مما يدفعنا إلى استذكار أمجادنا، وما شهد لنا التاريخ به من انتصار،،

انتقلنا بعدها إلى غرناطة، وتجولنا في أبهى القصور، تلك الصامدة رغم تعاقب العصور، إنها أبنية من الأعاجيب الهندسية بلا غرور، وهكذا فقد غمرتنا الفرحة وملأنا الحبور، وبخاصة عندما وقفنا بجانب مئذنة اشبيلية التي تعد من عجائب الدهور، وتضعنا أمام عجزنا وما نحن فيه اليوم من قصور.

تعجّب رجل أصفر كأنه من البربر من شوقنا لتراثنا، وخاطبنا متهكما: أقدومكم رحلة سياحية أم محاكمة تاريخية؟ ..ألم تدركوا بعد أن قد ولّى زمانكم، وفني علماؤكم، وخبا نوركم؟ .. فأجابه أحدنا: اسأل هذه المعالم الناطقة بالعربية، وستبقى وأهلها على أمثالكم عصية، وستجيبكَ بأنها دوماً لأهلها وفية.
فقال الأصفر: الحضارة ملكُ من يحميها ويطورها ويغنيها، فكفاكم يا سادة الماضي تكبراً وتيها، فإن كنتم قد عرفتم في تاريخكم شيئاً؛ فقد غابت عنكم أشياء، أجيبوني بالله عليكم ما

فضلكم اليوم على الأحياء؟ وانظروا إلى ما قدمنا لكم من تطور وارتقاء، فهل كان أسلافكم يغزون الفضاء؟ .. كفاكم بالله عليكم، فلا ينفعكم الهراء، فإنكم لا تحسنون إلا ملء الأمعاء، والتفنن في أساليب اللهو والغناء.


فأجابه ابن زهر الأندلسي‘ أنت لا تعرف أو لا تحب أن تعرف قيمة ما قدّمه لكم المسلمون والعرب، ولكي أنبّه عقلك الخرب؛ يبدو أنك مصاب باكتشافي جرثومة الجرب، فابحث عن علاج لها علّه يجلو ما اعترى فكرك من وباء، فبعد كلّ ما ورثتموه عنا؛ ألا نستحقّ منكم الثناء؟؟

فأيها المضروب بعقله، المشلول فكره، اسأل التاريخ إن كنت تحب، عن إنجازاتنا في الطب، فما زلت لاكتشافاتنا أسير، وبفضل علمائنا غدوت إلى السماء تطير، هذا بعض يسير، مما قدمناه للحضارة أيها الغرير،،،،،،فقال: لقد مللنا كلامكم عن زمنكم الغابر، واكتشافات ابن النفيس وابن سينا وجابر، فأرني ماذا حققّتم اليوم علني أقتنع وأغادر، فأراك من هول حضارتنا تكابر،،،،
فسردنا له بعضا ممّا حققّه أسلافنا، وصحبناه إلى اكبر إنجازاتنا، فلما عرف فضلنا، وقوة منطقنا، وسبق إبداعاتنا، أذعن الأصفر قائلا: "لولا أنني قرأت تاريخكم؛ واستدركت آفاق طموحكم؛ ودرست شيئا من منهاجكم؛ لما أقنعني خطابكم، بحق إنكم سادة الدنيا، وروّاد المعرفة، ولا يحقّ لنا أن نتغافل عن مكارم صنيعكم"، ثم ودّعنا وغادر،،،











بقلمي،،،،،،،

يشهد الله انها لتنساب حروفها ماء سلسبيلا لتروي روحي المتعطشة لبوح هادف راق لا هم له سوى الدفاع عن الدين واللغة
اخي وتر لا عدمنا السقيا من بحرك العذب

لعلّه،،

لعلّ ردّك قطر أثلج كبد صحراء تراث يلهث ليتبوأ مكانا كان قد تربّع عليه، فأعاد للأذهان حدائق التألّق السالف، وأحيا ثرى العزة والكرامة بخطوط همس تربّعت على عروش الحروف،،،




دمت أختنا،،،،،،

أبدعـت أبدعـت أبدعـت

راق لـي قلمكـ وبششده
اعجـز عن الرد امآم قلمك
البآهر ولكن سآكتفي الان
بالتقييم

لعمري انك (منار) بحق،، وأكتفي بهذا اعترافا مني بفيض ما أسلفت،، دام لنا حرفك،،

الى (الوردة النقيّة) سحابات عطاء تتراكم فيضا بوجودكم، دام عطاؤكم،،

انت الشموخ،،،

وجودك،، بل مرورك اعذب مما تصف الحروف،، أقدّر لك مرورك ودام لطفك،،